كثيرا ما أشعر بالغيظ لأني أعيش في الصعيد
أحد الأسباب لذلك أن أكتشف أنني أعيش في إقليم في بلد تتم إدارته بمركزية مفرطة، أن أكتشف أنني مضطر للسفر إلى القاهرة لأنجز أي شيء محترم وإن كنت أعتقد أن مثل هذا الشعور موجود حتى عند أهل الإسكندرية مثلا.
السبب الثاني الذي لا يشاركني فيه أحد، أن أكتشف أنني مضطر لتحمل سخافات دراما التلفزيون الرمضانية وغير الرمضانية عن الصعيد وتصوراتها الجاهزة المقولبة.
خذ مثلا لذلك دراما هذا العام... مسلسل (قضية رأي عام) مازال يعيش في دعاء الكروان حيث الصحراء مكان مناسب للتخلص من (هنادي)... عفوا من (حنان) على يد أخيها الثائر الشريف، وكل ما تغير فقط هو أن الصعيدي الموديرن ينقلها إلى هناك بالسيارة بدلا من الجمل!
بطلة المسلسل نفسها (الدكتورة عبلة) لا تمل من أن تذكرنا بين الحين والآخر عند الحديث عن (حنان) أن أهلها "صعايدة"... وأن "هذه المسألة" (عن أي مسألة بالضبط تتحدث؟!) عندهم مهمة جدا!
صديقي الخبيث قال: على أساس أن رجالة بحري "..."
وفي (عفريت القرش) يبدو الأمر وكأنه حملة منظمة للقضاء على مرارات أهالي الصعيد الذين يعيشون - ككل البشر - بمرارة واحدة!
السيد الفاضل (لطيف) يعود من العراق بدولارات كثيرة وبمروحة، والحقيقة إنني لا أعرف في الصعيد كله عبطا مثل هذا العبط، وأكثر الصعايدة انتماء للصعيد يعرفون اختراع البنوك منذ أحمس... ويعودون من الخليج ليبدأوا في تركيب التكييف فورا... دعك من هذه.
"الباشمهندسة" بنت لطيف هي السلاح الأقوى ضد مرارات الصعايدة الشرفاء هذا العام، فهي لا تمل من ذكر عبارات مثل:"راجل بالعقلية دي هيبوظ كل حاجة"! ناهيك عن اشمئزازها من الصعيدي المتخلف طوال الوقت وحركات فاروق الفيشاوي المفتعلة التي لا معنى لها...
كنا نقول إن مسلسلات (محمد صفاء عامر) تتحدث عن صعيد مملوكي لم يعد له وجود فأتانا الذي يحدثنا عن صعيد لم نجد له مثيلا في التاريخ، ولذلك فإلى صناع الدراما ومتابعيها أقول:
1- الفقرات العصعصية للصعايدة ضامرة منذ زمن في إشارة إلى اختفاء أي أثر لذيول الصعايدة الأوائل!
2- بنات الصعايدة تخلوا بشكل نهائي عن البرقع الأفغاني، ربما لم يصل الهاف-ستوماك بعد لكن الوضع الحالي مبشر فعلا بالخير.
3- زورونا تجدوا ما يسركم.
على فكرة: الصورة المرفقة هي نتيجة البحث في Google عن كلمة صعيدي.
حتى أنت يا Google؟ حسبي الله ونعم الوكيل!
9 تعليقات:
رهيب هذا المقال يا شمسي
بالفعل تعاني مسلسلاتنا من تخيلات المؤلفين لصعيد افتراضي لم يعد موجودا وربما لم يكن موجودا قبل ذلك.. تهانينا
ده عادي في التليفزيون المصري
لأن الكاتب مش بيتعب نفسه انه ينزل يعيش في البيئه اللي هيكتب عنها الأول
بس المهم
كل سنة وانت طيب
ويارب يكون عيد سعيد عليك
ضحكتنى
بس انت جبت وقت منين لمتابعه كل هذه التفاهات
عمرو:
شكرا، لا خير في المؤلفين الصعايدة ولا البحاروة يا صديقي
إسراء:
كل سنة وانت بخير وجمال وسعادة، المشكلة انه ما عادش في التلفزيون المصري بس، تشوية صورتنا امتد للفضائيات يا إسراء، وإذا كان المصري فكرته كده عن الصعايدة أمال اخوانا في الخليج هتبقى فكرتهم ايه؟
محمد:
كويس اننا ضحكتك
جميل المقال ...
طريقة العرض والسرد رائعة ...
ومعك حق ان يصيبك الغيظ والحنق من المركزية التي يشعر بها الجميع في بقاع مصر المختلفة ... يمكن حتى في قاهرة المعز...
هذه واحدة...
واشاطركم الرأي في غيظي من هذا الاستخفاف بالعقول... والبهتنان والفقر في ما تحمله لنا وسائل الاعلام المختلفة من ماكتتات وأكلاشيهات مملة مكررة حتى لم تعد واردة في عقول قائليها ... لكنه هو الفقر يا سيدي الفقر الثقافي الفقر في التفكير .. الفقر في الابداع ...
دمت بكل ود..
خالص تحياتي
أولا اشترك معك في ما قيل قلبا وقالباً طبعا مش حكي في الموضوع ده لأني خيالات محمد صفاء عامر أصبحت أصلا لايقبل النقاش بس يلا
ثانيا حلوة البصة دي يا...عمرو دا رعب دا ولا ايه انت عامل كأنك ظابط اللهم احفظنا ربنا يسامحك ياشيخ
ثالثا انا مش عارف احنا هنضحك لحد امتى يلا
متطلبش أكتر من كده من الدراما المصرية
كل حاجة مش دقيقة
مش بس الصعيد
كل الكلام كليشيهات مكررة وكل الأحداث متوقعة وكل الأفكار قديمة
بص ... اي بيئة تدور فيها احداث درامية غير بيئة المؤلف الاصلية بتكون خاضعة لانطباعات صناع الدراما ومعتقداتهم الشخصية
البيئة مجرد وعاء درامي ... خادم للأحداث.. عشان كدة ستجد في المسلسلات المصريةمبالغات تفطس من الضحك عندما نتحدث عن الفلاحين , الامريكان , الفترات التاريخية, وبالطبع الأخوة الصعايدة
- صناع الدراما المصرية للاسف لايقرأون ولايريدون القراءة لأنها تعني جهدا اكثر ووقتا اطول وحلقات مركزة اقل
- صناع الدراما المصرية لهم نفس العيب السائد لدينا جميعا وهو الفتوى بدون علم ... (تلاحظ هذه الخطأ بالذات عندما يحشرون الطب حشرا في الدراما)
-التابوهات : جدران مناعية رهيبة تحد من فكر وخيال صانعي الدراما (ان صدقت نواياهم واشتعلت قريحتهم) لذا تدور الدراما في نفس الدوائر , نفس الاكليشهات المحفوظة , نفس الشخصيات الكرتونية والدوافع العبيطة, والحلول البلهاء
للاسباب السابقة لايلام صناع الدراما على رؤيتهم المغايرة للواقع - أي واقع - ولايحزنك عوج الدراما الصعيدية او التاريخية او غيرها ... لأن خلل الرؤية لايتغير مادام لم يثر اعتراضا جادا ولم يصطدم بثوابت اجتماعية او دينية ومادامت قد انتفت الحاجة الى تصحيح المفاهيم (لأن الدراما الى الان لازالت تقوم بوظيفتها في جمع الناس امام الشاشة طيلة اليوم... فما الداعي الى التغيير؟)
... وستمرر نفس الاخطاء والاكليشيهات لأجيال قادمة لن تتعلم تحري الدقة.. وسيصبح الصعيدي التلفزيوني هو الاصل , وماعداه .. مجرد نسخة تايوانية الصنع
Hi Ahmed,
I really laughed heartily, especially when u were blaming google,lol. Thanks a lot, i needed that laugh. By the way, i need also 2 thank u 4 a comment u left on my previous blog,which is now deleted, thanks again, bye.
Post a Comment