في المسألة السوزانية

كنت قد نسيت الموضوع حتى ذكرني به (وائل الإبراشي)، برنامجه لم ينس القضية بعد!

بعد صدور الحكم بإعدام (هشام طلعت مصطفى)، راحت معظم البرامج التفزيونية تستطلع آراء المشاهدين حول الحكم، فوجئت وقتها بآراء تنتقد الحكم وتعتبره تضحية بأحد رجالات مصر في مقابل “واحدة رقاصة”!

أحدهم كان يقول: “أنا لا أعلق على أحكام القضاء النزيه، لكنني عاتب عليه! هذا الرجل يفتح بيوتا لكثيرين ويجلب عملة صعبة للبلد، و (سوزان) ليست إلا مغنية!”.

أكاد أتذكر كيف تدلى فكي السفلي في بلاهة وارتفع حاجباي وأنا أسمع هذا الرأي العجيب، لكنني عندما أعلنت استغرابي على الملأ أمام زملائي في المستشفى دهشت حين وجدت معظم الزملاء الأفاضل يشاركون الرجل نفس “العتب”.

والظاهر أن العتب على نظري أنا الذي بدأ يروح في داهية بعد المحاولات المستمرة لاستفزازي من قبل الناس في هذا البلد!

المشكلة التي لاحظتها أن معظمهم استخدم الكلمة “الشريرة” التي تطلق على الإناث في مصر لتبرر استغلالهن جسديا بأي وسيلة ممكنة حتى لو كانت هذه الطريقة هي استئجار (محسن السكري) لقتلهن، مرورا بحوادث التحرش الجماعي بالبنات في الشوارع، أو حتى حفلات الاغتصاب الجماعية في المقابر.

ربما لهذا حين يعاكس أحد الأصدقاء فتاة ما في الشارع ويلحظ استيائي يبادر فورا بالكلمة السحرية التي تبرر انتهاكها: “يا عم دي …، انت مش شايف لابسة إيه؟”

وفي حالة (سوزان تميم) الجميع يكرر: “يعني الراجل يروح هدر عشان واحدة …؟” ويضع مكان النقط الكلمة الشريرة إياها! يقولها بضمير مستريح متناسيا أن المسألة لا علاقة لها مطلقا بأخلاق الضحية ولا بأخلاق القاتل، وينسى أنه بهذا يدافع عن بلطجي وزير نساء وقاتل في مقابل أنثى قتيلة.

إذا أردت رأيي، هي حالة متقدمة من التحيز العام ضد الأنثى في مصر، التحيز الذي يجعل الرجل شريفا وعفيفا مهما فعل، ويحكم على الأنثى بمجرد النظر!

أحد الزملاء بلغ به الحماس إلى حد الدعاء للرجل: “يا رب يطلع براءة يا شيخ، ده فاتح بيوت ناس كتير”.