في صناعة البهجة

لفتت نظري الأغنية منذ استمعت لها في الألبوم، كلمات رشيقة تحيل إلى تاريخ كامل من الغناء الشعبي المصري الذي يتناول “دلع” الفتاة المغرمة وشقاوتها دون ابتذال، ثم جاء الكليب ليصنع حالة متكاملة من البهجة!

(نانسي) في الكليب – الذي أخرجه (مايك هاريس) – لا ترقص، وإنما تتمايل. ليست “مثيرة” بالمعنى الجنسي للكلمة، لكنها جذابة، ودودة، لطيفة إلى الحد الذي يجعلها محبوبة من الحي كله، يهديها العجوز بائع الخضروات، والسيدة بائعة الحلويات، يهديانها بضائعهما دون مقابل، أو بمقابل: ابتسامتها النقية التي تمنح السعادة.

ربما لهذا ترتدي الفتاة الأبيض النقي، وربما لهذا تركب الدراجة كطفلة تمرح، وربما لهذا يبتعد المخرج عن القتامة إلا فيما ندر، وتدور الأحداث كلها في ضوء الشمس الذي ينعكس على فستان (نانسي) الأبيض. وعلى ابتسامتها النقية.

في الكليب مجتمع كامل من الناس الودودة، هو لا يقتصر على الحبيب والحبيبة: هناك الطفل الذي يداعب الفتاة، وبائع الخضر، وبائعة الحلوى، وكلهم يداعبون ويبتسمون.

المجوهرات في الكليب ليست للإعلان فقط، لها دور رئيسي في إشاعة جو من الألق، الذهب هو سر الثقة التي تظهر بها (نانسي) في الكليب: يتمايل بتمايلها ويلمع لمعانا براقا، وألوان الفصوص الزاهية الحمراء والخضراء يضاف إلى بياض فستانها ولمعان لآلئها المسماة تشريحيا بالـ “أسنان”. ثم هي – المجوهرات – تمنحنا وتمنح الفتاة الفرصة للقاء الحبيب المغرم في آخر المطاف.

كلمات الأغنية التي كتبها (خالد أمين) ليست أشعارا معقدة، هي أزجال تعبر عن ثقة الفتاة بنفسها، عن استغرابها – الماكر – من ابن الجيران الذي يحاصرها، لكنها في نفس الوقت تقر بأنها “شارية” وتعرف أنه “شاري”. الألفاظ نفسها منتقاة لتضيف إلى حالة الفخامة التي تصنعها المجوهرات: انظر إلى لفظة “الفرندة” التي تعطي بهجة وثراء وفخامة أكثر مما تحيل إليه لفظة “البلكونة” مثلا!

ألحان (محمد رحيم) ليست سريعة إلى حد الرقص، لكنها حتما مناسبة لفتاة تتمايل بهدوء، وتناجي أباها والناس بدلع أن ينقذوها من حبيبها. واستخدام (حميد الشاعري) للآلات في جمل قصيرة يؤكد على هذا التمايل.

إنها حالة كاملة من البهجة، أربع دقائق وعشر ثوان من السعادة!