فيم كان يفكر “الزين”؟!

الحمد لله على نعمة الكوميديا السوداء!

صدقوني بينما العالم يتابع باهتمام خطاب (زين العابدين) الأخير، كنت أنا أفطس على نفسي من الضحك. كنت أسأل نفسي: فيم كان يفكر (الزين)؟

فيم كان يفكر الزين بينما كان يقول للتونسيين: “لقد فهمتكم جميعا، فهمت المحتاج والعاطل والسياسي”؟

أعني، هل كان يتوقع مثلا أن يصمت التونسيون فجأة عن هتافاتهم، وأن يجلسوا على الأرصفة بعد طول وقوف وتظاهر، وأن يطلقوا زفرة ارتياح قائلين: أخيرا فهمت يا وديع! ثم يعودوا إلى بيوتهم مطمئنين إلى أن الرئيس قد فهم؟

المشكلة أنه بعد قليل، قال ما يشي أنه لم يفهم شيئا بعد. فيم كان يفكر (الزين) حين قال: “تألمنا لسقوط ضحايا وتضرر أشخاص وأنا نرفض أن يسقط المزيد بسبب تواصل العنف والنهب”؟

أعني، ألم يفهم السيد الرئيس أن الأمر لا علاقة له بالسلب والنهب؟ هل كان الرئيس لا يزال يعتقد أن الناس التي خرجت مصممة على وضع حد للأمر برمته ستصدق المزيد من الهراء عبر شاشة التلفزيون الرسمي؟

ثم بعد دقائق يطلق الإفيه الكبير: “ولكن مازال أمامنا مجهود أكبر لتدارك النقائص، ولازم نعطي لانفسنا جميعا الفرصة والوقت “.

هذا الرجل – وبحس كوميدي عالي – يظن انه لا يزال أمامه وقت لتدارك النقائص والتصرف بناء على المعلومات “الجديدة” بدلا من تلك “المغلوطة”.

فيم كان يفكر (الزين) وهو يقول: “ستدخلون على النت.. ولكن وفقا لضوابطنا وعاداتنا”؟!

هل فكر (الزين) في أي شيء حقا قبل أن يترك خطابا كهذا كآخر خطاب قبل الهروب الكبير؟