عن الحشرات المتأسلمة الزاحفة

الإسلام – كأي دين – مجموعة من القيم ومجموعة أخرى من الشعائر تأتي في باقة واحدة. ولست أدري كيف يصبح المسلمون وحدهم على هذا القدر العالي من الانتقائية بحيث استطاعوا مع الزمن فصل المظهر عن الجوهر، ولا أدري كيف خمنوا أن الشعائر هي الأكثر أهمية؟

المدهش أنني لاحظت مع الزمن أنه كلما اهتم المسلم بالشعائر وبالمظاهر، كلما أصبح سطحيا أكثر وكلما زاد ابتعاده عن الجوهر بأميال!

لدي أمثلة كثيرة على ذلك. ومن المؤكد أن لدى كل منكم عدد مماثل من الأمثلة.

كانت الأم – المنتقبة الـ “ملتزمة” – قد وقع ابنها الصغير من البلكونة بينما زوجها في العمل. هكذا! فجأة سقط الولد من الدور الرابع بلا حراك. انتفضت الأم مذعورة، ونقرت باب جارها صارخة: الولد وقع والظاهر أنه مات.

نزل الرجل – السبعيني – ركضا، وإذا بالولد الصغير يصعد السلالم دون أن يمسه أي سوء. يقول الرجل الذي تهلل فرحا: شعرت أن عمري أصبح ثلاثين عاما وحملت الولد أجري به جريا نحو أمه وأصيح: الولد سليم يا أم عبد الرحمن، افتحي الولد سليم.

قالت الأم - ودون أن تفتح - بمنتهى الهدوء: “ضعه أمام الباب”.

لا أدري في أي كتاب من كتب السلفية استقت المرأة هكذا تصرف؟ أعني أين يمكن أن أفهم أن الإسلام يحث المرأة على نقر أبواب الرجال عند المصائب ثم الامتناع حتى عن قول شكرا عند تقديم البشائر بفرح حقيقي؟

المثال الأكثر فجاجة هو نموذج زميلنا الطبيب “الشيخ”. هكذا يلقبه الجميع، الشيخ راح، الشيخ جاء، وهكذا.

هذا الطبيب الشيخ يعفي لحيته، ويحرص على الصلاة في جماعة، ويقرأ كثيرا في الكتب الدينية ذات العناوبن الطويلة والصفحات الكثيرة. لكنه مع ذلك كله فظ غليظ القلب، سليط اللسان، مؤذ لكل من حوله.

كنا في شهر رمضان حين جاء يقول:

- شمسي، أنا رايح اصلي التراويح، لو حاجة حصلت رن عليا.

أنا عادة لا أتعب نفسي في المجادلة، لكنني قلت بعنف وبغضب واضح: وهل تعتبر فلوس هذه النوبتجية حلالا يا شيخ؟

سكت.

قلت: وهل أنت بهذا أديت الأمانة؟ أمانة أن تكون في المستشفى وقت وقوع حادثة لمريض؟

سكت.

قلت: كيف تقف بين يدي الله وأنت تخون أمانته وتكسب من حرام؟

نظر لي كأنني شيطان ينطق بالهندية ويريد أن يضله.

(أريد فقط أن أوضح هنا أن سمة معظم المصريين التزويغ من محل العمل، لكن المسلمين الشكليين وحدهم يبهرونك حين يفعلون هذا على أسس دينية كصلاة التراويح مثلا، وكأن الإسلام يحرض على الصلاة لكنه لا ينهى عن خيانة الأمانة وعن أكل أموال الدولة بالباطل).

ربما يكون من المفيد هنا أن أقول إن الـ “الشيخ” الطبيب، يفقد أعصابه أحيانا للدرجة التي يجعله يسب الممرضين الذكور بألفاظ نابية، ويقول للمرضات: “كلبة فيكم تيجي تمر معايا على العيانين”.

أحيانا يحلو لي أن أسأل هؤلاء عن “الصورة” التي يقدموناه عن الإسلام بتصرفاتهم، ويدهشني أن هذا لا يهمهم كثيرا على اعتبار أنهم “على الحق لا يضرهم من خذلهم” وعلى اعتبار أن “ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم”، وهو الحوار الذي يكاد ينتهي بي صريعا إثر جلطة في المخ!

المثال الأخير، هو مثال امرأة منقبة، كانت تقود سيارتها في باريس، فأوقفها البوليس الفرنسي، وحرر لها مخالفة لارتداء “ملابس غير آمنة أثناء القيادة”.

أقامت السيدة دعوى بحجة التعرض للتمييز، وعقدت مؤتمرا صحفيا، وتضامنت معها Human Rights Watch، وقال محاموها إن النقاب مثله مثل خوذة الرأس في تحديد مجال الرؤية وأصبحت المرأة بطلة إسلامية جديدة تضاف إلى رصيدنا الهائل من أبطالنا الإعلاميين!

ثم ماذا؟

اتضح أن المرأة زوجة لقيادي إسلامي من أصل جزائري، متزوج من أربع نساء، وتحصل كل منهن - بخدعة ما - على إعانة من الحكومة الفرنسية للأمهات العازبات لرعاية أطفالهن!

يمكنك أن تقرأ القصة الكاملة هنا في نموذج جديد على إسلام شكلي يخفي وراءه زيفا وكذبا وتزويرا وتدليسا وتشويها للإسلام. نموذج جديد على حشرات تطفلت على الإسلام نفسه قبل أن تتطفل على بلاد الله المحترمة.