الجمهور المصري لا يهتم عادة بأسماء الذين يقفون خلف الكاميرا. لذلك، إذا استطعت أن تقفز إلى بؤرة الاهتمام فأنت – بلا شك – قدمت شيئا يستحق.
وإذا كان النجم السينمائي أو التلفزيوني قادرا على تسويق العمل باعتباره مصدر الجذب الأول للجمهور، فإن الفقيد أسامة أنور عكاشة هو المؤلف النجم الوحيد في مصر. اسمه وحده يكفي لتتابع عملا دراميا ما. وجهات الإنتاج تبيع مسلسلها “على حسه” كما نقول في مصر. بل إننا لا نبالغ حين نقول إن أعماله صنعت نجوما لم يكونوا كذلك.
عكاشة استطاع تحقيق المعادلة الصعبة.. المستحيلة في الواقع. أن تكتب عملا يحتشد بالفلسفة والرؤية والانفعالات المركبة، وأن تظل على نفس القرب من عواطف الجمهور، أن تقدم ما يحلو لك من أفكار في نفس القالب الممتع الذي تقدم به الأعمال الجماهيرية الكبرى.
وبينما يبتعد الجمهور العربي الآن شيئا فشيئا عن مشاهدة الأعمال المصرية، بل إنني لا أبالغ حين أقول إنه لم يعد يفهمها، فإن أعمال عكاشة كانت تتابع في السعودية حيث ولدت، كما تتابع في مصر، وشكلت وعي الأمة بكاملها.
الرجل كان يكتب الرواية المصورة إذا جاز التعبير، فمسلسلاته ليست سوى قطع فنية، وأعماله الملحمية كـ (ليالي الحلمية) و (الشهد والدموع) تبدو اليوم كما لو كانت نتاجا شعبيا فلوكلوريا أكثر منها عملا إبداعيا لمؤلف وحيد مجتهد.
كان الرجل يترك أعماله تتحدث عنه، ولم يثر لغطا حول تصريحاته إلا في السنين الأخيرة فقط، حين فقد الأمل في لم الشمل العربي، وبدت كلماته يائسة أكثر منها وليدة اقتناع، فانقلب على قوميته وعروبته وأدار لها ظهره يأسا وإحباطا.
في نفس السياق فإن حديثه عن (عمرو بن العاص) رضي الله عنه، أثار زوبعة حوله، لكنه مع ذلك لم يستخدم هذه الزوبعة في الترويج لنفسه كما يفعل المتسلقون الحاليون. بل إنه حين علم بترشيح (نيوزويك) الأمريكية له كأكثر الشخصيات تأثيرا، وهو كذلك عن جدارة، انتقد ترشيح المجلة له بعد تصريحاته عن (ابن العاص) وقال إن هذا “يثير الشكوك حول الترشيحات”.
مات رجل محترم آخر من مصر.
6 تعليقات:
ما عرفتش ما اقراش رغم اني تعبان قويييي
:)
الله يرحمه
المحترمين بيخلصوا
:(
جميلة قوي التدوينة
وجميلة قوي الصفة دي
"محترم"
الله يرحمه
زعلت أوي و إتوجعت أوي
كجيل من مواليد التمنينات الراجل ده ربي وعينا و كبرنا عليه
مات رجل محترم آخر من مصر
مامتش
اللي زية مابيموتوش
و إلا كنت ممكن تقول عن محمود درويش - مثلا - إنه مات
السلام عليكم
كيفيك يا دكتور
والله كان نفسى من زمان اسيب تعليق على مدونتك
بس كنت فى حالة تقدر تقول كده - ملل وزهق وغلب - كتابتك بالنسبة لى نوع من الترويح بالرغم من الطابع الحزين اللى فيها
مع العلم ان الحزن اللى فيها ده هو اللى بيلفت نظرى ويخلينى اهتم بكل حرف ان بتكبه
يعنى
بعتقد ان الانسان فى حالة الحزن بيكون أصدق بكتير
أما بالنسبة للمقال " عن المؤلف النجم "
الله يرحمه
أنا طبعا من عشاق ليالى الحلمية ولا تتخيل حتى موسيقى المسلسل بتدخلنى فى عالم تانى ، ناهيك عن أحداثه وأجزائه المختلفة والانتقالات بين الأزمنة وقدرة الكاتب أنه يضم كل حالجات اللى قلت عليها .
يعنى بيقدر يجمع بين النقيض " العقل والقلب "
رحم الله الفقيد
اما عن كلمة محترم فهى تثير داخلى بعض التفاؤل أنك أخيرا شفت حد محترم فى مصر وحد يستحق انك تكتب عنه
وحد يستحق انه يكون محترم من وجهة نظرك
مع يقينى الخاص طبعا بأن الكلمة يستحقها الرجل تماما
اتمنى انى اداوم على الرد فى مدونتك
لأنها حاجة بجد مهمة بالنسبة لى .
كنت اتذكر منذ ايام اسماء لإناس رحلوا امثال نزار وجاهين وفؤاد المهندس واخرون كنت اعشقهم وانضم لهم مؤخرا ذلك الفنان الرائع الذى امتعنى كثيرا..
نعم كل من يمتعوننا يرحلون تباعا تاركين مساحات واسعه فارغة من بعدهم..حيث لم يعد بامكاننا الجزم ان كانت الايام التاليه ستأتى لنا بمن يمتعنا مثلهم..ام ان الغد الاتى سيكون اكثر وحشة من الامس
Post a Comment